-->
الرسائل

الرسائل

الرسائل
أعلام الطريقة
جاري التحميل ...
أعلام الطريقة

الطريقة التجانية طريقة إصلاحية

 


الطريقة التجانية طريقة إصلاحية



 هل يمكن أن نفسر قلة وخفة أوراد الطريقة التجانية بنوع من النقد المعبر عن رؤية إصلاحية ، انطلقت من الأوراد والأذكار ، وهدفت إلى عملية تقويمية لأمثلة من معوقات المُمَارَسَة كالكثرة والشدة ؟.

سؤال عريض ، يصلح للحديث ، ويصح الخوض فيه ، تعلق بذهني ، وظل يراودني منذ أن قرأت كتاب الأستاذ عمر ازدادو : ( من بركات وأسرار الورد التجاني ) .

ولا أقول إنني سأجيب عنه بالإثبات ، أو النفي ، وإنما أطرحه للنقاش لعلني أجد مَن يشاركني المسألة من العلماء والعارفين ، ولاسيما من أتباع الطريقة التجانية .

بعد قراءة الكتاب المذكور ارتسمت في ذهني مجموعة من المعطيات المتعددة والمتنوعة ، على رأسها أن معظم ملوك الدولة العلوية المتأخرين كانوا من أتباع الطريقة التجانية بدءا من المولى سليمان الذي أهدى للإمام التجاني مقرا مؤقتا للإقامة وممارسة شعائر الطريقة ، يقول المؤلف بعد أن ذكر ترحيب السلطان المولى سليمان بالشيخ التجاني أنه : ( أنفذ له الدار المعروفة بالحضرة الفاسية بدار المراية…..- 50 ) .

وأضيف هنا للتبيين أكثر أنه عند ترجمته لأبي المواهب – كما سماه – العربي بن محمد بن محمد السايح ذكر مجموعة من أسماء تلامذته إلى أن وصل إلى محمد بن خليفة المدني التونسي دفين مكناس ، قال رواية عن مؤلفه محمد الأمزالي ما يلي : ( ومما تبرك بالأخذ عنه ومجالسته مولانا سلطان المغرب الحسن الأول رحمه الله…..فقد لقنه أبو المواهب عددا من صلاة الفاتح – 198 ) .

وما قلته سابقا يذكرني بمحتوى سؤال آخر ، رائج بكثرة ، يدور حول علاقة السلطان المولى سليمان بمحمد بن عبد الوهاب ودعوته المشرقية ، وبالطبيعة المتحكمة في تصوره للدين أيام حكمه ؟ فالرواية التجانية تدحض كل ما يسمع ، وتثبت عكس كل ما راج ويروج .

ومن تلك الارتسامات الكشف عن مجموعة من أسماء العلماء ومؤلفاتهم المختلفة في شأن الطريقة التجانية ، ونستطيع أن نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر الأسماء والمؤلفات التالية :

  • علي حرازم الفاسي صاحب كتاب : ( جواهر المعاني في فيض أبي العباس التجاني ) .
  • محمد بن المشري مؤلف كتاب : ( الجامع لدرر العلوم الفائضة من بحار القطب المكتوم ) .
  • أحمد سكيرج صاحب كتاب : ( كشف الحجاب ورفع النقاب ) .
  • العربي بن السايح مؤلف كتاب : ( بغية المستفيد لشرح منية المريد ) .
  • محمد الطيب الفاسي صاحب كتاب : ( الإفادة الأحمدية لمريد السعادة الأبدية ) .
  • عمر بن محمد بن علي صاحب كتاب : ( تعطير النواحي بترجمة العلامة سيدي إبراهيم الرياحي ) .
  • رضوان دو أحمد مؤلف كتاب : ( بستان المريد التجاني ) .
  • أحمد الأزمي صاحب كتاب : ( الطريقة التجانية في المغرب والسودان الغربي ) .

ومن تلك الارتسامات كذلك التي أثيرت ، وستبقى مثيرة ما يتعلق بمصدر الورد والأذكار التجانية ، يقول مؤلف الكتاب : ( فالذي لقن الأذكار للشيخ سيدي أحمد التجاني قدس الله سره هو سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم حضورا ، لا مناما وذلك حين أتاه بالفتح المبين بقرية أبي شمغون وقد علمه إياه على مرحلتين متباعدتين زمانا ، في المرحلة الأولى علمه فيها : مائة من الاستغفار ، ومائة من صلاة الفاتح ، وفي المرحلة الثانية زاده مائة من الكلمة المشرفة ” لا إله إلا الله ” – 89 ) .
الباحث يقف في حيرة من أمره مع مثل هذه الروايات المتعارضة مع منطوق الدين ، ومع من يتخذ العقل وسيلة للفهم ، وأنا هنا لا أرفض ، ولا أقبل ، ولكني أوسع البحث كما تراءى لي بإضافات جديدة ، أرويها للقارئ على النحو التالي :

١ – يبدو أن هذا امتياز خصت به الطريقة التجانية وحدها على ما أعلم ، وياله من امتياز يجعل ما يُرى ، ويٌلمَس من تَعَالٍ تجاني مدركا وله سنده الأولي من جهة التفسير والفهم مقارنة ببقية الطرق الصوفية .

٢ – كيف نفسر إيمان الناس ، ومنهم علماء وفقهاء وملوك بالطريقة التجانية ، والتشبث بمبادئها وَوِردِها في صيغته الأصلية السابقة إلى يومنا ، وبكل احترام وتقدير لشيخها ، هل المومنون بذلك هم أكثر الناس وعيا وإدراكا ؟ هل الإنسان متفاوت القدرات في تلقي الظواهر وتحليلها ، وخاصة ما يتصل منه بظاهرة الاصطفاء بمفهومها الصوفي…..؟ كيف سنقضي على التعارض الموجود بين الرواية التجانية وبين بعض نصوص الدين ، وبين الرافضين والمنكرين عليها من الطوائف الأخرى ……؟
يقول الأستاذ عمر ازدادو في تتمة النص السابق : ( وقد تم للشيخ أحمد التجاني نيل ذلك الشرف بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جالسه وكلمه ، وعلمه الذكر الكريم ، وأمره أن يلقنه لسائر المسلمين والمسلمات ممن طلبوه ، وسييسر الله تعالى قلوب الصادقين منهم لتحمله ومعرفة أسراره……) .

٣ – وبرؤية مغايرة هل يمكن القول إن الشيخ التجاني لما كشف عن مصدر أوراده وأذكاره وبسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالقلة الملاحظة كان مدفوعا بهم إصلاحي ، يروم من خلاله رد المسلم إلى الطريق الصحيح ، وتخليصه من ثقل أوراد بقية الطرق الصوفية ، وسيطرة شيوخها على المريدين ، وأن يتم ربط المريدين ، وعموم الناس مباشرة برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرب العزة ؟ سؤال وجيه ومقبول يجب أن يطرح ، وإذا تأكد بصيغته الأخيرة فإن الطريقة التجانية سترتقي إلى مصاف الدعوات الدينية ذات المنحى الإصلاحي المقصود .

٤ – من النصوص الشعرية الجميلة التي أعجبتني كثيرا ما سماه المؤلف بالقصيدة الاعتذارية التي تنسب إلى السلطان المولى حفيظ ، ومطلعها هو :

ألا هل يلذ النوم والربع شاسع
وهل من لقاء الحِبِّ يُغني التواضع .

وهي قصيدة طويلة ، صاغها السلطان المذكور ( بمهارة شعر الاعتذار كالنابغة الذبياني….يعتذر فيها عن تركه للطريقة التجانية في فترة بسبب الوشاة ، ورجوعه إليها معتذرا عن سابق ما حدث….- 207 ) .

٥ – تطرح الطريقة التجانية تساؤلات جديدة تدفعنا إلى إحضار المقارنة الضرورية بينها وبين بقية الطرق الصوفية ، وهذا ما سميته سابقا بتعالي الطريقة التجانية ، فشروط الصحبة التجانية كما رواها الأستاذ ازدادو تتكون من البنود التالية :

  • أن يكون طالب التلقين خاليا من أي ورد من أوراد المشايخ ، فإن خالف رُفِع عنه الآذان .
  • عدم زيارة أحد من الأولياء الأحياء والأموات .
  • أن يديم ورده دون انقطاع حتى الممات .
  • احترام مقام الشيخ ودوام محبته .
  • ألا ينتقد شيخه وأن يعتقد فيه الصدق بدون شك ولا ريب .

ثم يقول المؤلف : ( فإن خالف شرطا من هذه الشروط فقد انقطع عن شيخه ، ورُفِع عنه الإذن – 33\ 34 ) .

يمكن في الأخير أن أصرح باستنتاجات ممكنة بدلا من الأجوبة الصريحة عن الأسئلة المطروحة ، وأقول : إن الطريقة التجانية فيها شيء ، أو أشياء مما قيل ، وأن منظومتها قابلة للتأويلات المتعارضة فيما بينها ، فقد نجيب بإيجابية الطريقة ، ورغبتها في الإصلاح ، ولهذا اعتمدت التسهيل والتبسيط في كل شيء ، ولم تقحم نفسها في لجاج الأسئلة الصوفية الكبرى ، وبقيت معتمدة على التربية والتلقين على النحو السهل الذي رأينا ، واتجهت إلى الجنوب نحو الأدغال الإفريقية بدل المشرق ، مخالفة بذلك ما جرى عليه العمل عند الطوائف الصوفية المتبقية ، وأغلب جمهورها من العلماء والفقهاء والملوك ، يشهد لذلك كله طول تجربة الشيخ التجاني ، وانتقاله ما بين ضفاف معارف وطرق متعددة قبل أن يهتدي إلى طريقته كما جاء كل ذلك مفصلا انطلاقا من الصفحة : 20 من كتاب الأستاذ ازدادو : ( من بركات وأسرار الورد التجاني )

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

عدد مرات مشاهدة

جميع الحقوق محفوظة

الطريقة التيجانية المباركة

2016