* عالم علماء سوس العالمة *
- القطب سيدي الحاج الحسين الإيفراني -
بقلم الشيخ الجليل :
سيدي عبد الحكيم النظيفي التجاني
-▪كلمة تنويه وتنوير مع الداعية الإسلامية
زينب البعقيلي
:
- هذا الموضوع المميز إخوتي الأفاضل جاء في
وقته وفي حينه ليربطنا بقدواتنا الصالحة ، وهو كالعادة من طرف الشيخ سيدي عبد الحكيم
النظيفي الذي أخذ على عاتقه رفع التعتيم عن العلماء الأجلاء السوسيين الذين كان لهم
الفضل في نشر كلمة التوحيد والمشرب التجاني الصافي في جنوب المغرب أولا ثم في بقاع
المعمور، ومنهم المترجم له الجليل شجيع الطريقة و رئيس العلماء، سيدي الحاج الحسين
الإفراني رضي الله عنه.
فهو الذي قال عنه أحد علماء عصره مستغربا
من علمه الغزير وفهمه الرشيد:
" من أين للحاج الحسين ما يأتي به وعندنا
ما عنده من الكتب .
فتحية لوالدة هذا القطب السوسي، الأرملة
المكافحة التي أحسنت تربيته ورعايته وسهرت على تهذيبه.
وشكرا للغيورين أمثال هذا المربي النبيه
سيدي عبد الحكيم النظيفي - أطال الله في عمره وسدد خطاه ويسر أموره .
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم
النبيِّ المختار و على آله و صحبه الأخيار .
* - تعتبر بلاد سوس من أكثر بلاد المغرب المعروفة
بالصلاح و الخير والعلم ، و لذا يطلق عليها إسم سوس الخير و الصلاح و سوس العلم ، و
سوس العالمة و سوس العلامة
.
و قد ظهر منها عدد كبير من مشاهير العلماء
و الصالحين ، و قد ترجم لهم العلامة الكبير السيد المختار السوسي في كتابه المعسول .
- و من هؤلاء العلماء و الصالحين الذين احتضنتهم
بلاد سوس
:
" القطب العلامة سيدي الحاج حسين الافراني "
الذي يقول عنه خليفته القطب سيدي الحاج
الأحسن البعقيلي رضي الله عنهم في كتابه " الإراءة " الجزء الأول صفحة
141 :
-" و وقع لي في أيام سكناي بمدرسة الشراطين
بفاس المحمية بالله معاينتي جامع القرويين ممتلئا بالعلماء من المجتهدين و غيرهم و
أنا ببابه من جهة الشماعين ، ثم قال قائل لي : إن أردت أن تعرف خليفة الشيخ فاذهب إلى
العنزة – محل في الجامع – و قل ثلاثا
:
يا رئيس العلماء و سيدهم و إمامهم ؟ ، فإنه
لا يقدر أحد أن يجيبك وسط العلماء إلا من كان سيدهم ، و لا يقدر أحد أن يجسر عليها
إلا الحاج الحسين الإفراني ، فإنه زعيم بها . فأذنت بها ثلاثا فرأيته رضي اللله عنه
قائما يمين المحراب فقال لي : نعم أنا رئيس العلماء و سيدهم و إمامهم . "
* - هو أبو علي سيدي الحاج الحسين الإفراني
نسبة إلى إفران بنواحي مدينة تزنيت سوس ولد سنة 1250 ه ، ابن الحاج أحمد بن الحاج بلقاسم
بن عبد الرحمان بن أحمد بن عبد الكريم بن علي بن عمارة من ذرية سيدي محمد بن الإمام
المولى إدريس الأكبر فاتح المغرب
.
- أخذ رضي الله عن الطريقة التجانية عن لسانها
الكامل الشيخ المربي سيدي محمد الكنسوسي عام 1272 ه . و قال له رضي الله حين لقنه الإذن
في الطريقة التجانية
:
" أينما كنت في أي مكان و في أي بقعة تجدني
، و إذا عثرث نأخذ بيدك ." يعني أنه حاضر معه لا يفارقه بالإذن التجاني الذي أذن
له فيه .
و قد خص الله هذا هذ السيد الجليل القطب
سيدي الحاج حسين الإفراني بعدة خصائص و مواصفات منها ما يلي :
* - لقياه بخليفة سيدنا الشيخ الذي جعله الله
الواسطة بين الأوائل و الأواخر من الذين لم يدركوا سيدنا الشيخ في حياته و هو سيدي
محمد الكنسوسي الذي لقنه الطريقة التجانية و أجازه فيها و قال في حقه :
" إن الله تعالى أقام سيدي الحاج الحسين الافراني
في وقته لإرشاد الخلق ، و جعله شيخا وليا مرشدا في وقته بمقتضى قوله تعالى : ( من يهد
الله فهو المهتد و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ) . الكهف
و قد ورث القطب سيدي الحاج الحسين الافراني
القطبانية عن شيخه سيدي محمد الكنسوسي عن شيخه سيدي محمد الغالي ، عن الشيخ سيدي أحمد
التجاني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم .
*- لقياه بخليفة سيدنا الشيخ و بابه الأعظم
القطب الواضح سيدي العربي بن السايح الذي كان يرى في سيدي الحاج حسين الإفراني الخصوصية
الكبرى و شهد له بها و سماه بشجاع الطريقة التجانية و استقبله استقبالا عظيما مدهشا
لا مثيل له قائلا
:
" لا تلتفت منذ اليوم على أي جنب سقطت رفعناك
و لا يظرك ما فعلت بعد هذا اليوم ، و انو هنا ما تريد و لو محالا تعطاه لأن بساط المحال
يعطى للشيخ التجاني رضي الله عنه
"
- و قد أجازه سيدي العربي بن السايح إجازة
مطلقة في الطريقة التجانية و تلقى عنه سلسلة القطبانية العظمى عن القطب سيدي الحاج
علي التماسيني عن القطب المكتوم سيدي أحمد التجاني رضي الله عنهم .عن النبي صلى الله
عليه و سلم
.
*- جعله الله بوابا على باب الباب الأعظم لسيدنا
الشيخ رضي الله عنه الذي هو القطب سيدي محمد العربي بن السايح و أنه هو المدخل إليه
و المخرج ، فمن لم يدخل منه له لم يصل إليه .
*- كان رضي الله عنه شديد الاتباع للسنة النبوية
و ملازم للكتاب و السنة و كان يقول : طريقتنا مشيدة بالكتاب و السنة ، و ألف في ذلك
كتابه المخطوط المسمى " ترياق القلوب " و كتابه أيضا " إظهار الحق و
الصواب " و قد أجمع أهل الله قاطبة أن الاستقامة على الكتاب و السنة هي الكرامة
الحقيقية لأنها تدل على محبة النبي صلى الله عليه و سلم المحبة الخاصة الخالصة .
*- خصه الله بأعلى درجات الولاية الكبرى و
الخلافة العظمى و هي القطبانية العظمى التي ورثها مسلسلة عن القطب الواضح سيدي محمد
العربي بن السايح عن القطب سيدي الحاج علي التماسيني عن مولانا القطب المكتوم سيدي
أحمد التجاني عن النبي صلى الله عليه و سلم . ثم أورثه الله سلسلة القطبانية عن شيخه
سيدي محمد الكنسوسي عن شيخه سيدي محمد الغالي عن الشيخ سيدي أحمد التجاني عن النبي
صلى الله عليه و سلم
.
و من خصائص هذا المقام أن من أدركه لا تغيب
عنه الذات المحمدية طرفة عين و قد حصل له رضي الله عنه هذا المقام بمجرد وفاة شيخه
و سنده سيدي محمد الكنسوسي سنة 1294ه و دام فيه لمدة 34 سنة و ذلك ببركة شيخه المربي
رضي الله عنهم
.
*- خصه الله بالجمعية العظمى عليه و على النبي
صلى الله عليه و سلم و على الشيخ رضي الله عنه و على أصحاب الشيخ رضي الله عنهم . و
من خصائص هذه الجمعية العظمى أن خصه الله بكثرة الذوات حيث قال رضي الله عنه في هذا
الشأن : أنه عنده من الذوات بعدد ذوات الفقراء أصحاب سيدنا الشيخ رضي الله عنه و عنهم
.فكلما ازداد فقير في الطريقة التجانية يزيد الله له ذاتا تقابله و هذه الخاصية و المنقبة
لم نسمعها عن أي خليفة من خلفاء سيدنا الشيخ رضي الله عنهم و هي مزية له رضي الله عنه
. و كان مشربه في هذه الجمعية العظمى أولا و آخرا هو صلاة الفاتح لما أغلق .و في هذا
الصدد يقول رضي الله عنه
:
- أن صلاة الفاتح هي العلم واللواء في الطريقة
التجانية و هي مدخلنا أيضا لحضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم التي هي حضرة
الله تعالى ، فمن فرق بين الحضرتين فليس بعارف . و لتعتبر قوله تعالى ( أطيعوا الله
و أطيعوا الرسول ) فإن في ذلك إشارة إلى ذلك ، و أيضا أن أبواب الله قد استدارت للغلق
و لم يبقى مفتوحا إلا بابا واحدا و هو باب الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم و
لا سيما صلاة الفاتح لما أغلق فإنها لا تقوم لها عبادة فعليكم بها ثم عليكم بها ثم
عليكم بها ، فإنها الكنز الذي أظهره الله في هذا الزمان رحمة بالضعفاء أمثالنا .
* - أجرى الله على يديه فيضه الإلهي فكان بذلك
قطبا نفاعا للعباد و البلاد بأنفاسه و همته و حاله و مقاله و فعله . حيث تجاوز نفعه
بلاد السوس إلى سائر المغرب فأقطار الأرض و مكة و المدينة و الحجاز، و في هذا الشان
أخبر رضي الله عنه
:
" من مكة تقدم الناس لترانا و لله الحمد
" ، أقول لأنه كان من أصحاب النظرة إذ الشيخ الكامل النظرة فيه تغني ، لأنه كيمياء
.و قال أيضا : " أنا حجر مغناطيس كل رزق حسي و معنوي فلا بد أن أكون فيه واسطة
و كل من كان عنده سر في المشرق أو المغرب فلا بد أن يجيئ إلى يدي و أدفع لكل حق حقه
حسب ما تقتضيه المشيئة الإلهية النافذة
"
أقول و هذا من خصائص القطب لأنه تجري على
يديه أرزاق الخلائق المادية و المعنوية حسب ما سبق في علم الله .
*- كان رضي الله عنه متحققا بجميع مراتب الأولياء
ذائقا أذواقهم لأنه كان وارثا محمديا في زمانه ، و من صفات الوارث المحمدي الكامل وراثة
جميع الأولياء
.
- و في هذا الإطار قال عنه خليفته الوارث
المحمدي الكامل القطب سيدي الحاج الأحسن البعقيلي رضي الله عنه : " قال لي مرة
في حالة تعداد الأولياء و ذكر مراتبهم العلية و بين لنا في كل ضريح ما فيه من الأولياء
، فانتقل إلى الأشراف بالقطر السوسي و حررهم كل التحرير ،و بين الدخيل الدعي منهم و
من أهمل نسبه و ضاع ذكره و نسبه .فانتقل إلى ذكر الفقراء و مراتبهم و حررهم . و ذكر
أنه دخل في الطريقة التجانية في السودان في منطقة من السودان نسيتها دهشا ، ست مائة
من الجمعة إلى مجلسنا معه رضي الله عنه قرب ستة أيام ، و بيننا و بين السودان بعد و
المجلس بتزنيت في سوس المحمية بالله محل أنفاس قبره الشريف " الإراءة – الجزء1
ص 140 .
* - كان رضي الله عنه هو القطب الجامع ، و في
هذا الصدد قال عنه خليفته القطب سيدي الحاج الاحسن البعقيلي : أنه كان يسمع في بلاد
سوس الأولياء يذكرون القطب ، و يقولون هو سيدي سيدي الحاج الحسين الإفراني و هو يلقن
الطريقة التجانية ، كما كان رضي الله عنه هو قطب أهل الدائرة والعدد و أهل النوبة
. وفي هذا المضمار قال له القطب المكتوم الشيخ سيدي أحمد التجاني في مشهد لما كان عازما
على الحج : " ارجع إلى بلدك فقد لحقتك نوبة المسلمين " .
*- خصه الله بالعلم الظاهر و الباطن و جعله
إماما للعلماء و منارة كبرى للعلم ، فقد أظهر الله عليه علمه و فيضه الإلهي ، فألف
تآليف عديدة منها
:
- ترياق القلوب في أدواء الغفلة و الذنوب
- إظهار الحق و الصواب
- كشف الغطاء في من تكلم في الشيخ التجاني
بالخطأ
- مصب الرحمات على طلاب المسرات
- تحفة الأكياس فيما ينسب لسيد الناس
- قمع المعارض المفتري الفتان في من نسب ما
لا ينبغي لأهل الفضل من البهتان
- الخواتيم الذهبية
- كتاب في الصلاة على النبي صلى الله عليه
و سلم
* - تخرج على يديه رضي الله عنه حوالي ثلاث
مائة من أرباب الإذن الخاص في التربية في الطريقة التجانية ، كلهم نالو منه التقديم
و الإجازة و انتشروا في الآفاق و ظهرت عليهم فتوحاته و فيوضاته و بركاته و أخص أخص
هذه الطائفة خليفته القطب الكامل سيدي الحاج الأحسن البعقيلي ، و بركة السلف و الخلف
الخليفة الشيخ النظيفي رضي الله عن الجميع و عن شيخنا التجاني .
- توفي رضي الله عنه صبيحة يوم السبت 4 شوال
1328 هو تولى الصلاة عليه الشريف العلامة الجليل السيد المصطفى ماء العينين و دفن بالزاوية
التجانية بمدينة تزنيت
.
* - نستنتج مما سبق أن سيدي الحاج الحسين الافراني
اجتمعت فيه جميع مواصفات القطبية من علم و صلاح و تقوى و شرف و بذلك جمع في ذاته جميع
مواصفات الشيخ الكامل المربي ، الذي قال عنه سبحانه و تعالى : ( عالم الغيب فلا يظهر
على غيبه أحدا إلا من ارتضى ) ، فكان القطب الإفراني هو المرتضى الذي ارتضاه الله للولاية
و الهداية و الخلافة و الإمامة فكانت بذلك فراسة شيخه القطب سيدي محمد الكنسوسي ظاهرة
صادقة حين قال في حقه
:
- " إن الله تعالى أقام سيدي الحاج الحسين الافراني
في وقته لإرشاد الخلق و هدايتهم
"
فكان بذلك نعم الولد الروحي و القلبي لوالده
الروحي و القلبي سيدي محمد الكنسوسي الذي خرج منه و من زاويته " زاوية الفتح
" ولدا برا تقيا هاديا مهديا جعله الله من خير وراث الشيخ المربي سيدي محمد الكنسوسي
فكان بذلك خير أمة أخرجت للناس في زمانه و خير خلف لخير سلف .
و صدق من مدحه شعرا قائلا :
فما هو إلا البحر بالبحر قد جرى
................وفي كل روح في الورى ينفث السرا
أحاط بأسرار المعارف كلها
.....................فصار يرى من بين أولي الهدى بحرا
و حاز من العرفان كل لطيفة
.....................فأضحى لنا في كل داج يرى بدرا
له نظرة يشفي بها كل معظل
.................... و من كل قلب بالهدى يكشف الدرا
و مهما تبدى بين قوم بمحفل
..................... تراهم كأن الطير في رأسهم قرا
له يخضع الهمام العظيم من مهابته..................
و إن يره ليث طغى فر وعنه فرا
إذا ذكر الحكام العدل في الورى...................
لعمرك تلقاه هو الآية الكبرا
---** انتهى و كفى **---
--- ** و الصلاة و السلام على الحبيب المصطفى ** ---
انتهى من كتابته كاتبه :
سيدي عبد الحكيم النظيفي التجاني