-->
الرسائل

الرسائل

الرسائل
المكتبة
جاري التحميل ...
المكتبة

رسالة سيدي محمد بن سليمان المناعي التونسي رضي الله عنه



رسالة سيدي محمد بن سليمان المناعي التونسي رضي الله عنه في منع الزيارة مطلقا
رسالة كتب بها إلى بعض الإخوان، يذكر لهم فيها بعض شروط الطريقة لمن أرادها. نذكر منها ما نصه: (اعلموا يا إخواني أن أوراد الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر سيدي أحمد بن سالم التجاني رضي الله عنه وأرضاه، لها شروط ينكرها من لا معرفة له بكتب القوم ولم يدر أن العروسة لا يعرفها إلا أهلها.
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمـد......... وينكر الـفم طـعم المــاء من سقم
وقيل في هذا المعنى:
ما ضر شمس الضحى في الأفق طالعة..... أن لا يرى ضــوءها من ليس ذا بصر
:فمن التزم منكم الشروط فقد أذنت له في ورد الشيخ ووظيفته ومن لا يلتزم فلا إذن له وها هي:
الأول منها أن لا يترك الأوراد اختيارا فإن اضطر لتركها ومنعه من الذكر مانع شرعي قضاها بعد ذلك وجوبا ولابد من القضاء.
والثاني منها أن يترك زيارة الأولياء الأحياء والأموات كبيرهم وصغيرهم وربما ينكر هذا الشرط من لا معرفة له بكتب القوم فقد صرحوا به في أيما كتاب من كتبهم، لكن هي طريقة لبعضهم لا لكلهم (إيضاح منا أي للذين سلكوا نهج التبرك والتقرب بالنوافل من غير نذر بخلاف أهل التربية الذين نذروا للنوافل ليثابوا عليها ثواب الفرائض). انتهى.
وها أنا أبين لك بضرب مثال وذلك أنهم صرحوا بأن التلميذ لا يصل إلى الله إلا إذا قطع الالتفات من غير شيخه بحيث لا يعتقد النفع إلا من شيخه وكل شيء وصل له من الخير فيجزم بأنه على يد شيخه لا على يد غيره، وحيث اعتقد وصول الخير إليه على يد غير شيخه حصلت القطيعة بينهما، وتأمل الحكاية المعروفة بينهم عن خدام سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه أنه كان يوما يصلح في أمور الزاوية فدخل عليه سيدنا الخضر فرد عليه السلام فلم يرفع رأسه إليه ولا رمقه بعينه فقال له الخضر عليه السلام: (يا هذا ألم تعرفني فإن لم تعرفني فأنا الخضر)، وقال له خديم الشيخ رضي الله عنه: (قد عرفتك)، ولكن محبة عبد القادر لم تترك محلا لغيره. والزائر للأولياء لا يخلو حاله إما أن يعتقد النفع من الولي المزار أو لا فإن اعتقد النفع منه كان ذلك إعراضا عن شيخه إن اعتقد النفع من شيخه لا من الولي المزار كانت زيارته عبثا وسوء أدب مع الولي المزار، ونحن لا ننكر زيارة الأولياء ولا فضلها، وإنما كلامنا فيما إذا نبه الشيخ التلميذ على تركها وجب امتثال أمره، وإلا كان معاندا للشيخ ومتى عاند فلا يصل إليه نفع أبداً. وقد قيل في معنى ذلك أن التلميذ إذا قال لشيخه لم فعلت هذا لا يفلح أبدا. وهذا المنع من زيارة الأولياء الأحياء والأموات مادام تحت التربية، (والعامة لا تعرف العمل لله)، وليس في طريقتنا فقط بل أن جل ساداتنا الأولياء قد اشترطوا هذا الشرط على مريديهم، فقد قال سيدي محي الدين بن العربي: (ما سامح شيخ مريده في الاجتماع بغيره إلا حصل له التردد في أي الشيخين أعلى من الآخر حتى يتتلمذ له، وإذا حصل له ذلك رفضه قلب الاثنين فلا ينتفع بأحد منهما). وقال رضي الله عنه: (اعلم كما لم يكن وجود العالم بين إلهين والمكلف بين رسولين مختلفي الشريعة ولا امرأة بين زوجين، كذلك لا يكون المريد بين شيخين أي لا يصلح بينهما)، وقال الشيخ زروق رضي الله عنه: (ولا تلتفت عنه ولو رأيت من هو أعلى منه فتحرم البركة من الأول والثاني)، وقال أبو القاسم القشيري في الرسالة: (ما لم يتجرد المريد من كل علاقة فلا يجوز لشيخه أن يلقنه شيئا من الأذكار). ومن كلام الأستاذ ابن وفاء رضي الله عنه قوله: (المريد الصادق عرش لاستواء رحمانية أستاذه ولا يظهر لعين رأت غيره في مرآة من رآه) ومن كلامه رضي الله عنه: (كما أن الحق سبحانه وتعالى لا يغفر أن يشرك به، فكذلك مظاهره لا يغفرون أن يشرك بهم) وقال سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه: (إذا كان المريد كل يوم في زيادة محبة وتسليم، سلم من القطع، فإن عوارض الطريق وعقبات الالتفات والإرادات هي التي تقطع الإمداد وتحجب عن الوصول)، فهذه العبارات السنية وغيرها من أقوال هؤلاء السادات الكبار أهل المراتب العلية كلها دلائل قطعية وبراهين جلية على أن رعاية هذا الشرط من أهم المهمات وأكدها في طريق القوم والتربية، وهذا الشرط ليس خاصا بزيارة الجسد فقط بأن يذهب إليهم سواء قصدهم للانتفاع أو عدمه، بل الشرط ترك زيارة الأولياء الأحياء والأموات بالجسد والقلب من غير ذهاب إليهم. ومن الزيارة الممنوعة طلب الدعاء منهم وإهدائهم ثواب العبادات من قرآن وصلوات وأذكار ونذور وصدقة ونحو ذلك مما تعود الناس فعله للأولياء لجلب نفع أو دفع مضرة، وكذلك التوسل والاستمداد والاستغاثة والاستنجاد والتبرك والاستشفاء ونسبة ما وصل إليه من نور ومدد وبركة وكرامة لهم، وكذلك دخول مجالس الذكر أو الجلوس حولها شوقاً إلى الذاكرين غير التجانيين رضي الله عنهم.
والثالث منها ألا يجمع بين ورد هذا الشيخ وورد آخر، وربما ينكر هذا الشرط من لا معرفة له بكتب القوم، فقد حكي عن صاحب الإبريز رضي الله عنه عن شيخه عبد العزيز رضي الله عنه أنه قال: (التلميذ كالورد المشموم إذا كثر شمه قلت رائحته) وقال ابن العربي الحاتمي: (التلميذ كالمريض مهما اجتمع عليه طبيبان هلك لأن الأنظار مختلفة في العلاج) وقال الإمام البكري رضي الله عنه: (التلميذ كحافر البئر إن أدام الحفر في موضع
واحد خرج الماء وإلا كان عمره يحفر بلا فائدة لأنه متى ما لم يَدم الحفر في موضع واحد لا يمكن إخراج الماء).

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

عدد مرات مشاهدة

جميع الحقوق محفوظة

الطريقة التيجانية المباركة

2016