هو العلامة الفقيه المقدم سيدي الحاج عبد الرحمن بن محمد بن علي بن حميد بن محمد بن أبي القاسم الرجراجي الحداد المستغفر الكسيمي الإنزكاني دارا ومنشأ.
كان مولده رحمه الله يوم الأربعاء السادس عشر جمادى الثانية سنة ألف وثلاثمائة وستة وعشرين هجرية (1326هـ) الموافق لستة عشر يوليوز ألف وتسعمائة وثمانية ميلادية (1908م) بإنزكان، وهي من مدن سوس بجنوب المغرب، ومن معالمها المسجد الكبير أو المسجد العتيق (المسمى حاليا مسجد الإمام علي)، وكانت به مدسة اشتهرت بالقراءات، وقام بالتدريس فيها عدد من كبار العلماء، لكن ازدهار المدرسة علميا إنما كان أثناء الأربعينيات والخمسينيات من هذا القرن حيث تولى التدريس فيها العلامة الفقيه سيدي الحاج عبد الرحمن .
كان والده رحمه الله سيدي محمد بن علي قاضيا وعالما مشهورا، أجازه عدد من كبار العلماء –كما قال عنه العلامة المختار السوسي-.
وفي هذه البيئة العلمية، نشأ نشأة صالحة، وتربى تربية فاضلة مبنية على احترام الدين، وعلى الأخلاق القويمة، فقد كان رحمه الله لين الجانب، عف اللسان، لا يقف على الأعتاب، عالي الهمة، لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله، متأدبا بآداب السنة السنة الطاهرة.
تعليمه رضي الله عنه وشيوخه:
تلقى الحاج عبد الرحمن تعليمه الأولي بمسجد مدينة إنزكان على يد المقرئ سيدي عبد القادر بن أحمد، وعلى يد ولده من بعده سيدي مبارك بن عبد القادر لمدة سبع سنوات. ولما توفي شيخه انتقل إلى قرية "المزار" حيث حفظ القرآن بروايتي الإمامين نافع والمكي على يد المقرئ سيدي الحاج محمد بن عبد الله الركراكي الإخرباني، وهو عالم جليل، ومرب فاضل، صوفي علم من أعلام الطريقة التجانية توفي رحمه الله سنة 1413هـ.
بعد تحصيله وإتقانه رضي الله عنه لحفظ القرآن الكريم؛ انتقل إلى مدرسة "سيدي ميمون" قرب قرية "المزار" حيث تلقى مبادئ علوم اللغة العربية من نحو وصرف وغيرهما وكذا العلوم الشرعية مثل الفقه التوحيد، كما درس الجساب وعلم الفرائض عند الفقيه سيدي مبارك بن محمد البوزوكي(ت.1356هـ) وهو من الآخذين عن العلامة سيدي الحاج مسعود الوفقاوي، وكان مشارطا بـ "أيت ملول" ذائع الصيت.
بعده استكمل سيدي الحاج عبد الرحمن علومه عند الأستاذ الفقيه العلامة سيدي الحاج مسعود الوفقاوي الذي ينتمي إلى آل تعدوين، وله تجربة طويلة في التدريس بمدارس سوس، لكن أهم عطاءاته كانت بمدرسة "إغلالن" حيث كانت له طريقة خاصة تميزت بالتكامل بين مختلف المواد الدراسية المتداولة آنذلك.
مشارطاته رضي الله عنه:
لما تخرج رضي الله عنه من مدرسة "إغلالن" على يد أستاذها المذكور، أرسله ليشارط بدوار "إرْحَّالْن" بالـ"الدشيرة" على مقربة من مدينة "إنزكان"، فما لبث أن طلب آل إنزكان لجامعهم الذي كان به آنذاك سيدي إبراهيم التهامي الذي انتقل إلى مسجد "إرحالن"، وبقي رضي الله عنه بمدينة إنزكان مسقط رأسه وحيث سكناه وعشيرته، فتفرغ للتدريس والإمامة والإفتاء، وتحرير الفرائض والفصل في التركات، فلم يلبث إلا قليلا حتى ملأت شهرته تلك النواحي واستمر في هذا المسجد يبلغ رسالته التعليمية والدينية إلى أن وافاه الأجل رحمه الله ورضي عنه.